التاريخ : 2020-09-10
دولة "يشعستان"
د. أسعد عبد الرحمن
"يشع - مجلس المستوطنات الأعلى"، بالعبرية اختصار للكلمات (يهودا، شمرون، عزة) (أي الضفة الغربية وغزة). وهذا "المجلس" بالغ في تطرفه حتى بات يعادي حكومة (بنيامين نتنياهو)، علما بأنه هيئة تمثل المجالس المحلية والإقليمية "للمستوطنات" في هذه المناطق، وهدفها وضع الاستعمار/ "الإستيطان" الصهيوني في سلم أولويات حكومات "اسرائيل" وتخصيص ميزانيات هائلة لهذا الغرض. ومع الزمن، انضم عدد كبير من ممثلي أحزاب الليكود المتدينين وحركات سياسية أخرى غير ممثلة في الكنيست الاسرائيلي إلى "المجلس"، ومعظم اجتماعات "المجلس" هي للتباحث في كيفية تطوير الاستعمار والسيطرة على الأراضي الفلسطينية.
مع الوقت، أضحى "المجلس" ذا سلطة قوية على الحكومات الإسرائيلية، ونجح في أن يكون له كلمة عليا في الحكومات الإسرائيلية الأخيرة. ولقد وصل الأمر بقيادات المجلس، وعلى رأسهم رئيس "يشع" (دافيد الحياني) بإعلان معارضتهم نية "إسرائيل" ضم (فقط) أجزاء من الضفة الغربية المحتلة معتبرين أن الضفة جميعها – يجب أن تضم موجهين انتقاداتهم المتطرفة لكل من الرئيس (دونالد ترامب) ومستشاره للشرق الأوسط (جاريد كوشنر) واعتبارهما "ليسا صديقين لإسرائيل"، وأن هناك "جانبا سلبيا خطيرا لخطة ترامب للسلام".
مؤخرا، أعرب سياسيون من قادة "يشع" عن معارضتهم لتأجيل مخطط الضم باعتبار أن "(نتنياهو) أضاع فرصة تأتي مرة كل مائة عام لتطبيق السيادة الإسرائيلية على غور الأردن، ومعاليه أدوميم، وبيت إيل، وبقية المستوطنات الإسرائيلية، ولم يستجمع الشجاعة لتطبيق السيادة حتى على شبر من (أرض إسرائيل)". وقال (الحياني): "نتنياهو خدعنا. لقد وعد مرارا بتطبيق السيادة – فهذه هي القضية السياسية الرئيسية التي يترشح من أجلها للانتخابات. الثقة فيك انتهت". أما رئيس "مجلس شمال الضفة الإقليمي" (يوسي دجان)، فقال: "نتنياهو يبيع السيادة مقابل قطعة من الورق من دولة لم تهدد إسرائيل قط. هذه خدعة القرن". أما (عوديد رفيفي) رئيس مجلس مستعمرة "إفرات" قرب بيت لحم، فقد أعرب عن خيبة أمله في الاتفاق مع دولة الإمارات، قائلا: "كل هذه السنوات، اعتقد الناس أن السلام مع الدول العربية لا يمكن تحقيقه طالما كان هناك وجود يهودي في الضفة الغربية. ونرى الآن أن هذه الأسطورة قد اختفت. مشروع الضم لم يختف، لقد أجّل، لا أحد يعرف حتى متى. مرّت 53 سنة على انتظارنا هذا الأمر، وقد يؤجل أكثر من ألفي سنة".
إذن، غربي نهر الأردن، هناك دولتان عمليا، "دولة إسرائيل"، و"دولة يشعستان" للمستعمرين/ "المستوطنين". والثانية أخطر من الأولى وخطر عليها في نفس الوقت، حيث أضحت "دولة" داخل الدولة، تشكل قوة ضغط سياسية قوية، تتبنى التطرف الشديد، سواء في الحكومة أو في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي). وهي أيضا "دولة" تملك السلاح، وأتباعها موجودون في الفروع الأكثر حساسية في الإدارة في "إسرائيل"، حتى بات "جيش الدفاع" كثيرا ما يغض النظر عن مقارفات ميليشياتهم، وهي المدعومة من قبل النخب السلطوية، العسكرية والاقتصادية، وتشجع من دون توقف أو كلل نشاطاتهم وأعمالهم (عبر) المبادرات والتشريعات القانونية.